تعليم الأبناء حفظ العهود والمواثيق وأهميتها في الحياة وفي الإسلام

 

لا شك أن تعليم الأبناء حفظ العهود والمواثيق من أعظم القيم التي يمكن أن نزرعها في نفوسهم، فهي من القيم الأساسية التي تساهم في بناء شخصية قوية، متوازنة، ومسؤولة. فالعهود والمواثيق ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي أمانة وعهد نُسأل عنه أمام الله وأمام الناس. ومفهوم الوفاء بالعهود يتجاوز المعاملات البشرية، فهو جزء لا يتجزأ من علاقتنا بالله تعالى، ومن قيم ديننا الإسلامي الحنيف.

أولاً: العهود والمواثيق في الإسلام

لقد حثَّ الإسلام على الوفاء بالعهد، وجعل ذلك من صفات المؤمنين. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" (المائدة: 1). فالعقد هو التزام مقدس بين طرفين، سواء كان عقداً تجارياً، أو اجتماعياً، أو حتى وعداً بسيطاً بين شخصين.

وقد جاء في الحديث الشريف: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان". فالمؤمن لا يعرف الكذب ولا يُخلِف وعداً، لأن هذه الصفات تخلّ بشرف الإنسان وتنتقص من كرامته.

ثانياً: أهمية تعليم الأبناء الوفاء بالعهود

تعليم الأبناء الوفاء بالعهود والمواثيق يعني تعليمهم احترام الذات واحترام الآخرين. فعندما يفي الإنسان بوعده، يكتسب ثقة من حوله، ويصبح موضع احترام وتقدير. وهذا يعزز لديهم شعوراً بالمسؤولية والالتزام في كل جوانب حياتهم.

كما أن الوفاء بالعهود يعزز من العلاقات الأسرية والاجتماعية. فعندما يشب الأبناء على الوفاء بما يقولون، تترسخ لديهم قيم الصدق والأمانة. ويصبحون نموذجاً يحتذى به في المجتمع، مما يؤدي إلى تقوية النسيج الاجتماعي القائم على الثقة المتبادلة والاحترام.

ثالثاً: ربط حفظ العهود بالحياة اليومية

لكي نغرس قيمة الوفاء بالعهود في نفوس أبنائنا، علينا أن نبدأ بالأمور البسيطة في الحياة اليومية. على سبيل المثال:

1. الوعود الصغيرة: إذا وعدت طفلك بشيء بسيط، مثل شراء لعبة أو الذهاب في نزهة، فاحرص على الوفاء بوعدك. لأن هذه التجارب الصغيرة تُعلّم الطفل أن الوفاء بالوعد أمر مهم، ويجب الالتزام به مهما كان صغيراً.

2. التعامل مع الأصدقاء: علم طفلك أن يحترم مواعيده مع أصدقائه، وألا يتخلى عنهم في اللحظات الحرجة. فهذا يعلمه أن الوفاء بالعهود ليس فقط مع أفراد الأسرة، بل مع كل من يتعامل معه.

3. التعامل مع الآخرين: اجعل طفلك يرى كيف تفي بوعودك مع الآخرين. هذا يمنحه قدوة حسنة، ويجعله يدرك أن الوفاء بالعهود جزء من سلوك الإنسان المؤمن والمسؤول. 

رابعاً: دور الوالدين في تعزيز هذه القيم

الوالدان هما المدرسة الأولى للأطفال، وهم القدوة التي يحتذي بها الأبناء. لذلك، من المهم أن يكون الوالدان مثالاً يُحتذى به في الوفاء بالعهود. إذا رأى الطفل أن والديه يفيان بوعودهما، سواء كانت وعوداً تجاه بعضهما البعض أو تجاه الآخرين، سيترسخ لديه هذا السلوك بشكل طبيعي.

كما أن النقاش المفتوح مع الأطفال حول أهمية الوفاء بالعهود في حياتهم وفي دينهم، يساعدهم على فهم هذه القيمة بشكل أعمق. استخدام القصص الدينية، مثل قصة النبي إسماعيل عليه السلام الذي صبر وأوفى بوعده لله، هي أمثلة حية تعزز من هذه القيمة في نفوسهم.

إن تعليم الأبناء الوفاء بالعهود والمواثيق هو تعليمهم أن يكونوا أفراداً صالحين، صادقين، ومخلصين لأنفسهم ولمن حولهم. هي قيمة تغرس فيهم روح المسؤولية، وتبني لديهم شخصية قوية قادرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة وإيمان. فليكن الوفاء بالعهود هو العهد الذي نعقده مع أبنائنا، لنبني جيلاً واعياً، قوياً، ومؤمناً بقيمه ومبادئه.

إرسال تعليق

4 تعليقات

  1. من لا يفي بوعوده فهو لا شيء

    ردحذف
  2.  ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾
    شكراً على المقالة و طرح الموضوع👌🏻

    ردحذف
  3. عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب -رضي الله تعالى عنهما- قال: كنت خلف النبي ﷺ يوما، فقال: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف


    يجب أن تكون مخافة الله حاضرة دائما .. ومن مخافته أن نحفظ عهودنا ومواثيقنا .. والله سنُسأل

    ردحذف
  4. فكرة رائعة

    ردحذف